jeudi 31 mars 2016

المسرح التشكيلي

نقرأ بوستراً في الشارع عن عرض مسرحي.. نذهب لحضور العرض فنقرأ على البروشور أسماء الممثلين والفنيين واسم المخرج وأحيانا نقرأ كلمة سينوغرافيا..


يبدأ العرض  بالتزامن مع صمت الجمهور  وإطفاء إضاءة الصالة.. وهنا ما الذي يلفت نظر الجمهور أولا, إضاءة الخشبة أم الموسيقا أم الديكور أم دخول الممثل؟ لابد أنه يترقب فقط ويدخل بأحداث العرض بشكل تراتبي ومتصاعد حتى ينتهي العرض بتقديم التحية للجمهور مع التصفيق وإضاءة الصالة والخشبة مرة ثانية. هنا الاحتمالات كثيرة ويبدأ الحوار والنقد الايجابي والسلبي حول العمل المسرحي ولكن هل نتحدث عن العمل بشكل عام أو نتحدث عن كل جزء من مكوناته؟مركب إبداعي واحدالمختص في المسرح والتشكيل والموسيقا يقوم بقراءة العمل بشكل تفصيلي ولديه القدرة على تجميع وتركيب التفاصيل بذهنية بعيدة عن الأضواء وهنا الحالة تشبه ما يحدث في الكواليس، أي المراحل التي يتم فيها بناء العمل المسرحي, وعندما نوجه الضوء على من يجمع بين هذه الجزئيات نستطيع أن نتحدث عن علاقة الفنون ببعضها وعلاقة التشكيل بالمسرح  وهي علاقة متنوعة ومتباينة في عدة أشكال ولها دلالات تتراوح بين السطح والقاع وهذا على مر العصور رغم اختلاف الثقافات وتطورها فالعلاقة بين التشكيل والمسرح قائمة على المستويات كافة فالاثنان ضمن مركب إبداعي واحد.
وبالنظر في مسيرة المسرح والتشكيل والعلاقة المتلازمة، وذلك منذ المسرح الإغريقي والروماني نجد الحضور التشكيلي من خلال الحائط المعماري ذي الثلاث فتحات وفي عصر النهضة كانت محاولات استخدام الإضاءة الملونة على يد (سيريليو) الذي أضاف تشكيلاً ملوناً لفراغ المسرح وإعطاء قيمة للمنظور الهندسي وبعد ذلك انتشر في أوروبا فن المناظر على أيدي أفراد عائلة (بيبينا) الذين يعتبرون مؤسسي فن المناظر واشتغلوا للإيهام بالواقع على المسرح وبعدها أصبح المسرح أكثر واقعية في القرن السابع والثامن عشر على يد (ستانسلافسكي) إلى أن جاء مخرج نمساوي الأصل يدعى (راينهات) وخلق اتجاهاً جديداً بخروجه عن المألوف والابتعاد عن شكل القاعة النمطية والستارة التي تفتح وتغلق كل مشهد ورافق هذا تغيير في مفهوم وحدات الديكور فأخذت شكلاً معاصراً ذا دلالات يوحي ويحاكي. وبعد ذلك ارتبطت التعبيرية في نشأتها الأولى بالحركات التكعيبية والمستقبلية في الرسم لأن الهدف كان الغوص تحت السطح واكتشاف ماورائيات الواقع فتم استخدام الأقنعة وتوظيفها بشكل تعبيري وهنا حضرت التكعيبية في التكوينات الديكورية وبنائية فضاء المسرح. وكان بعدها للحركة المستقبلية أثر بالغ في عالم المسرح ورغم قصر عمرها كانت مدرسة رائدة وشجعت التيار التجريبي والثورة على التقاليد المسرحية المتوارثة فأدى ذلك إلى نشأة مدارس أخرى تتميز بانفصالها عن الواقعية والموضوعية مثل الدادية والسريالية والبنائية الروسية ومسرح العبث.

ali.alshekh@hotmail.com  


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire